الأحد، 31 أغسطس 2014

من اخطاء الصحافة


يروي عثمان لطفي سكرتير تحرير جريدة “الأخبار” المصرية سابقا، قصة ذلك الخطأ الفني الفادح قائلا: حدث ذلك في أوائل الستينات وكنت حينذاك أعمل مخرجا صحافيا في “أخبار اليوم”، وقد تسبب في ذلك اللبس اختفاء خط فاصل بين عنوانين في المطبعة، ما أدى إلى حصار الشرطة للدار لساعات وتدخل جهاز المخابرات العامة في التحقيق مع طاقم السكرتارية بكامله.
كان الرئيس جمال عبد الناصر في تلك الفترة يستعد لزيارة الهند في الوقت الذي كان الرأي العام المصري بكامله مشغولا بقصة السفاح محمود أمين سليمان بطل رواية “اللص والكلاب” التي كتبها الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ.
ويقول عثمان لطفي عن تلك الواقعة: كانت “الأخبار” تولي اهتماما كبيرا لقضية السفاح سليمان، فقد كان يبدو حينها أشبه ما يكون بالبطل الإنجليزي “روبن هود”، فهو يسرق أموال الأغنياء ويمنحها للفقراء الأمر الذي حوله إلى بطل أسطوري في نظر كثير من المصريين الذين كانوا يتعاطفون معه، ومع الخيانات التي تعرض لها في حياته وحولته إلى مجرم خطير. ويضيف عثمان: حدث هذا الخطأ الفني بسبب اختفاء خط فاصل بين عنوانين في صدر الصفحة الأولى، فبينما كانت “الأخبار” تستعد للصدور وفي صدر صفحتها الأولى خبر “عبد الناصر في الهند”، فوجئنا بخبر مصرع السفاح محمود أمين سليمان بعد معركة مع الشرطة في إحدى مغارات جبل حلوان، وبالتالي لم يكن من اللائق أن تتجاهل الصحيفة التي تابعت قصة السفاح خبر مصرعه على هذا النحو.
كانت “الأخبار” تحافظ في ذلك الوقت على تقليد ثابت في “توضيب” الصفحات يعتمد على وضع العناوين حسب أهميتها من أعلى إلى أسفل، بشرط وضع حد فاصل بين كل عنوان، ويقول لطفي: تصدر الصفحة الأولى للأخبار نبأ مصرع السفاح، بينما هبط خبر “عبدالناصر في الهند” إلى السطر الثاني، ولسبب ما اختفى الخط الفاصل بين السطرين، ليقرأ المصريون الصحيفة في اليوم التالي وقد تصدر صفحتها الأولى خبر “مصرع السفاح عبد الناصر في الهند”.
لم تمر سوى ساعات على صدور “الأخبار” على هذا النحو حتى قامت السلطات المختصة بمصادرة أعداد الجريدة من الأسواق، بل واستدعاء طاقم السكرتارية الفنية والمسؤولين عن إخراج الصفحة الأولى إلى أجهزة الأمن التي بدأت تحقيقا موسعا حول الموضوع، فيما كانت قوات من الشرطة تحاصر مبنى “الأخبار” بشارع الصحافة، ويقول عثمان لطفي: لم يكن لدينا من دليل يثبت سلامة النية سوي “الماكيت” الأساسي للصفحة الأولى الذي يوجد به الخط الفاصل بين العنوانين، ويرى البعض ان هذا الخطأ كان من أسباب التعجيل بتأميم الصحافة المصرية
منقول بتصرف عن جريدة الخليج الأماراتية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق