بسم الله الرحمن الرحيم
( من عجائب بلاغة القرآن )
( توالي ثمان ميمات )
( مَمممممممَ )
قال بعض أهل البلاغة : إن من فصاحة الكلام خلوصه من كثرة التكرار ؛ لأنَّها ـ بزعمهم ـ موجبة للثقل في النطق .
حتى قيل : الكثرة تحصل بالزيادة على مرة واحدة ، فإن زاد خرج عن حد الفصاحة . كذا قالوا .
ورُدَّ ذلك بأنه ورد التكرار في القرآن بأكثر من ذلك ، فقد تكرر الضمير ( ها ) في سورة الشمس ثماني عشرة مرة ، وما زاده إلا خفة وجمالا ،
وتكررت ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) في سورة الرحمن إحدى وثلاثين مرة ، وتكررت ( ويل يومئذ للمكذبين ) في سورة المرسلات تسع مرات .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ) .
بل من خصائص القرآن الكريم أنه اجتمع فيه ثمان ميمات متواليات ، ولم يحصل بسببها ثقل على اللسان أصلا ، بل ازدادت خفة وسلاسة ، وذلك في قوله تعالى : ( وعَلَى أُمَمِ مِّن مَّن مَّعك ) [ هود : 48 ] ،
فقد اجتمع فيها ثمان ميماتٍ ، وذلك أنَّ ( أممٍ ) فيها ميمان وتنوين ، والتنوين يقلب ميماً لإدغامه في ميم ( مِنْ ) بعدها ، ومعنا نونان : نونُ ( مِنْ ) الجارة ، ونون ( مَنْ ) الموصولة ، فيقلبان أيضاً ميماً لإدغامها في الميم بعدهما ، ومعنا ميم ( مِن ، ومَن ، ومَعك ) فتحصَّل معنا ثمان ميمات : خمسُ ميماتٍ ملفوظِ بِها ، وثلاثٌ منقلبةٌ : إحداهما عن تنوين ، واثنتان عن نون ، ويكون نطقها هكذا :
( أُُمَمِمْمِمْمَمْمَعَك )
فصدق الله العظيم القائل : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق