الأحد، 3 يوليو 2011

الشناقطة آية في الحفظ

لقد حبى الله تعالى الشناقطة ذاكرة فذة ، ومقدرة على استحضار النصوص ربما لا توجد إلا في ذاكرة الحاسب الآلي ، حتى صارت حكاياتهم في الحفظ غريبة تشبه الأساطير وما يجري مجرى خوارق العادات فمن ذلك:

ما ذكر في ترجمة العلامة عبدالله بن عتيق اليعقوبي – رحمه الله ( ت 1339هـ ) أنه كان يحفظ لسان العرب لابن منظور .

وكان الغلام في قبيلة مُدلش يحفظ ( المدونة ) في فقه الإمام مالك قبل بلوغه .

وكانت توجد في قبيلة ( جكانت ) ثلاثمائة جارية تحفظ الموطأ فضلاً عن غيره من المتون وفضلا عن الرجال ، ولهذا قيل : العلم جكني .

وروي عن الشيخ سيد المختار ابن الشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن سليمان ( ت 1397 هـ ) حفظ كثير من كتب المراجع مثل: فتح الباري لابن حجر ، والاتقان للسيوطي ، غير المتون والكتب التي تدرس في المحظرة .

ومن العجيب ما تجده من محفوظات فقهائهم غير متون الفقه والأصول وما يتعلق بالتخصص ، فهذا قاضي ( ولاته ) وإمامها أحمد الولي أبي بكر المحجوب كان يحفظ مقامات الحريري ، وليست من فنون القضاء ولا الفقه .

وأما المتخصص في الأدب والشعر فلا يحفظ أقل من ألف بيت في كل بحر من بحور الشعر العملية ، حتى تتهيأ له ملكة أدبية لينظم أو ينثر ما يريد .


وهذا العلامة الأديب محمد محمود بن أحمدية الحسني رحمه الله – كان يحفظ في الأدب وحده مقامات الحريري ، والمستطرف ، وكامل المبرد ، والوسيط في أدباء شنقيط ، وديوان المتنبي ، وديوان أبي تمام ، وديوان البحتري ، هذا في الأدب وحده دون غيره من فنون ومتون المنهاج الدراسي المحظري .


ومن نوادر نساء الشناقطة في قوة الحفظ ما حدث به العلامة محمد سالم بن عبدالودود أن أمه مريم بنت اللاّعمة كانت تحفظ القاموس ، وقد استوعبته بطريقة غريبة ، حيث كان والدها يرسلها من حين لآخر إلى خيمة أحد علماء الحي تنظر له معنى كلمة في القاموس ، وكان هذا العالم ضانا بنسخته لا يعيرها ، فكانت البنت تحفظ معنى الكلمة وتعود بها إلى والدها وهكذا حتى حفظت مادة القاموس كلها .



وإن تعجب من المتقدمين فهناك من المعاصرين الأحياء من يماثلهم في الحفظ فمن ذلك:


الشيخ أحمدو بن العلامة الشيخ محمد حامد بن آلاّ الحسني – نزيل المدينة النبوية – متع الله ببقائه ، ولا أبالغ إن قلت: إن ما في صدره من العلم لو جلس يمليه عاماً كاملاً لما كرر ولا أعاد منه شيئاً ، فمن محفوظاته في النحو والصرف ، طرة ابن بونة  والمقصور والمحدود لابن مالك مع شواهده وهي تقرب من ألفي بيت ، وضوابط وشواهد تبلغ نحوا من ثلاثة آلاف بيت ، إضافة إلى بعض من ألفية السيوطي في النحو .

ومن المعاصرين الحفاظ أيضا صاحب المحضرة المعاصرة العلامة محمد الحسن بن الخويم وكان يحفظ النص من مرتين فقط ، وأنه لا يكاد يوجد فن إلا ويحفظ فيه ألفية ، حتى في الطب والعقيدة والقواعد الفقهية والقضاء ، وأنه يحفظ كثيرا من كتاب سيبويه .


ومن النساء المعاصرات:
العالمة المفتية الفقيهة مريم بنت حسين الجكنية والدة الشيخ عبدالله بن الإمام ، وكانت تشرح ألفية ابن مالك لتلامذة ابنها في حالة غيابه ، وكانت تحفظ كثيرا من المتون الفقهية وتفتي النساء في الحج والحيض ، ولها ألفية في السيرة ، ولها منظومات فقهية لبعض المسائل والنوازل .

فهذه نتف من سير القوم لعل فيها ما يذكي الحماس لدى طلاب العلم المعاصرين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق